18 - 07 - 2024

تقارير| السلطة تعيد عقارب الساعة للوراء وتقطع طريق الديمقراطية.. ودارت عجلة تعديل الدستور

تقارير| السلطة تعيد عقارب الساعة للوراء وتقطع طريق الديمقراطية.. ودارت عجلة تعديل الدستور

جدل وانقسام في الشارع وفي الأوساط السياسية وتشاؤم من فكرة التعديلات الدستورية التي تتضمن مادة انتقالية تتيح للرئيس عبد الفتاح السيسي البقاء في السلطة حتى عام 2034، فجأة تحول الدستور الذي تفاخر به المصريون واعتبروه أفضل دستور في تاريخهم إلى إرث كتب في فترة عدم استقرار أو فترة لاحقة لحكم جماعة الإخوان بما يوجب تغييره ، كل النيران فتحت على الدستور من لحظة أن قال الرئيس أنه كتب بنوايا حسنة في سبتمبر 2015

الدكتور على عبدالعال، لحق بركب المطالبين بالتغيير في وقت مبكر وقال خلال ترؤسه مناقشة رسالة دكتوراه بكلية الحقوق جامعة المنصورة "إن أى دستور يتم وضعه فى حالة عدم استقرار، يحتاج إلى إعادة نظر بعد استقرار الدولة".

هذا الأسبوع بدأت عجلة تغيير الدستور في الدوران سريعا، فقد اجتمعت اللجنة العامة بمجلس النواب، يوم 3/2/2019 برئاسة الدكتور علي عبد العال رئيس البرلمان، لاستعراض طلب مقدم من أكثر من خُمس عدد أعضاء المجلس بشأن تعديل بعض مواد الدستور، وأكد عبد العال أنه "لا ينكر منصف أن الإختبار الواقعي لبعض النصوص الدستورية التى إستحدثها دستور 2014 تحتاج إلى بعض المراجعة، وليس في ذلك عيب".

وأهم بنود تعديل الدستور التي يجري النقاش حولها هي استحداث مادة انتقالية تتيح للرئيس عبد الفتاح السيسي البقاء حتى عام 2034 أما المواد الأخرى فكانت مجرد تسويغ لها

وتناولت المناقشة نقطتين أساسيتين هما: مدى توافر الأحكام والشروط المنصوص عليها فى المادة 226 من الدستور، وكذلك مناقشة مبدأ التعديل فى ضوء الواقع الجديد الذى تعيشه البلاد، ودعا رئيس المجلس، اللجنة العامة للإجتماع صباح الثلاثاء 5 من فبراير 2019 لإستكمال المناقشة.

الدكتور عبد الهادي القصبي، رئيس ائتلاف دعم مصر، وزعيم الأغلبية البرلمانية، الذي يقود تغيير الدستور قال إن ما يقوم به أعضاء مجلس النواب هو تقديم مقترحات من خلال حقوقهم الدستورية التي نص عليه الدستور قائلا:"الشعب وحده هو من يملك تعديل الدستور وصاحب السيادة عليه".

وأوضح أن المناقشات و الرؤي والأفكار، أجمعت على أهمية تعديل بعض مواد الدستور، وإضافة المزيد من الحريات والضمانات، مشيراً إلى أنه تم التوافق على ضرورة تفعيل الحياة السياسية وإعطاء فرصة أكثر للقوي السياسية للمشاركة الفعالة بالمشهد السياسي والعمل العام

وإذا وافقت الجلسة العامة على التعديلات من حيث المبدأ، سيقوم رئيس المجلس بإحالة الطلب إلي اللجنة التشريعية والدستورية، لدراسته وتتلقي خلال 30 يوما كل الآراء والمقترحات من نواب المجلس، حيث يحق لكل نائب تعديل أو إضافة أو حذف، ثم تكتب لجنة الشؤون التشريعية والدستورية تقرير برأيها خلال 60يوماً ليتم عرضه علي الجلسة العامة. وإذا وافق المجلس على تقرير اللجنة التشريعية والدستورية بشأن المقترح سيكون عبر النداء بالإسم وسيقوم رئيس المجلس بإحالة الأمر لرئيس الجمهورية لدعوة الشعب المصري للإستفتاء على هذه المواد

ومن جانبه أكد النائب خالد عبدالعزيز فهمى عضو حزب مستقبل وطن، أنه "لا يوجد شيء مثالي، والدليل على ذلك ان من قاموا بوضع بنود هذا الدستور قالوا انه غير مثالى، وان دستور 2014 لا يمنح الشعب المصري أقصي أمانيه، ونحن الأن نريد إستكمال بناء الدولة وإنشاء أخرى جديدة".

وأوضح عبد العزيز، انه فى ظل التغيرات التى حدثت فى الدولة المصرية هناك حاجة لتغيير بعض مواد الدستور، "ونحن لا نعبد الدستور وإذا كان تغييره للصالح العام فنحن مع تغيير بعض مواده".

وعن كون الدستور المكسب الوحيد المتبقي من ثورة يناير  قال:" دائماً وأبداً هناك مشككون، ولكن المشككين بدأ دورهم يضعف وبدأ الشعب يفهم كل شيء حوله، والدولة بها حرية مثل الدول المتقدمة ونحن الأن دولة أفعال وليست كلام".

من جانبه أكد النائب هيثم الحريري رفضه التام وتكتل 25/30 تعديل مواد الدستور وخاصةً مد فترة الرئاسة.و قال لم أستغرب مطالبة ائتلاف دعم مصر بتعديل الدستور، لأن هذا الإئتلاف هو نفسه الذى وافق على التفريط فى الأرض المصرية تيران وصنافير، وهو من يعود بمصر بأكملها لما قبل 25 يناير ولنظام الفرد".

أضاف الحريري: "هناك إرتداد كبير جداً على إرادة الشعب المصري فيما يخص مد فترة رئاسة الجمهورية لتصل مع الرئيس الحالي إلى20 عاماً، ومن الممكن أن تتم المطالبة بعد عشر سنوات بتعديلات أخرى، ومعنى هذا إعادة سيناريو مبارك لكن بشكل أسوأ".

وأضاف الحريري: "رئيس الجمهورية يصبح بموجب التعديلات رئيس السلطة القضائية، ومن يقوم بتعيين النائب العام، ومن المفترض ان هذا النائب العام هو من يقوم بمحاسبة رئيس الجمهورية اذا أجرم، والسؤال الأن اين الفصل بين السلطات؟ فهل يجوز ان رئيس السلطة التنفيذية يكون هو نفسه رئيس الدولة وهو رئيس السلطة القضائية؟

وتساءل الحريري:" هناك مادة عن صون الجيش للدستور وحماية الدولة المدنية، هل نفتح باب تدخله فى الحياة السياسية، متى يتدخل الجيش ومتى لا يتدخل؟ ومتى يمارس دوره العسكرى ومتى يمارس دوره السياسي؟ نحن الأن نفعل ما كان موجودا فى دولة مثل تركيا ونتيح له أن يتدخل ويقيل رئيس الجمهورية ".

وأكد الحريري على ان الأغلبية العظمى من النواب ستوافق بكل أسف على تعديل مواد الدستور، ومن يرفض التعديل لا يتجاوزون 20 نائبا  

وأكد الحريري على ان إستفتاء شعبي حول تعديل مواد الدستور فى ظل قانون الطواريء، وفى ظل التعتيم الإعلامى، سيكون محسوما لصالح " تعديل الدستور" لكن اذا كان هناك حوار حقيقي ومجتمعى أعتقد ان الوضع سيكون مختلفا تماماً. وحتى تتم الإرادة الشعبية بشكل حقيقي فلابد من وجود مناخ صحى، فهناك خوف من تعبير الناس عن رأيها فى الشارع، وهذا سيترتب عليه عدم ذهاب المعترضين على الدستور للتصويت.

في السياق نفسه قال النائب أحمد الشرقاوي، ان تعديل الدستور يعتبر رجوعا الى الوراء، وانه ضد التعديلات بشكل قاطع، لأنها تناقض مكتسبات ثورة 25 يناير، وكل من يدفع فى هذا الإتجاه سيجنى تبعات هذه التعديلات.وإئتلاف دعم مصر سيتحمل مسئولية تاريخية لإجراء التعديلات والدفع نحو العبث بالدستور.

وعن بنود تعديل الدستور التى أغضبته قال: " تعديل مدة الفترة الرئاسية، والمادة الإنتقالية التى تبيح الترشح مرتين أخريتين، والمواد المتعلقة بالهيئات القضائية والقوات المسلحة، ومجلس الشيوخ".

ومن جانبه أكد علي أيوب المحامي بالنقض والإدارية العليا أن مادة إنتخاب الرئيس محصنة ضد التعديل، وأي تعديل لا يتضمن ضمانات جديدة للشعب فإنه يكون باطلاً. فبحسب المادة ٢٢٦ من الدستور "لا يجوز تعديل الدستور فيما يتعلق بمدة رئيس الجمهورية ومواد الحرية والمساواة إلا إذا كان لإضافة ضمانات أكثر"

وأوضح أن الدستور عقد بين الحاكم ومؤسسات الحكم في الدولة وبين الشعب تنعقد الإرادة فيه يطرحه علي الشعب في الاستفتاء وموافقته عليه وبالتالي لا يجوز تعديله بإرادة الحاكم المنفردة، أضف إلى ذلك إن إرادة واضعي الدستور قد اتجهت الي سد الثغرة التي كان ينفذ منها الحكام السابقين فيما يتعلق بمدة الرئاسة ومواد الحريات والمساواة بهدف بقائهم في الحكم  مدة أطول استمرت ٣٠ عاما وإحكام سيطرتهم علي الحكم بالعصف بالحريات وتقريب أصحاب النفوذ والسلطة علي حساب باقي الشعب.
-------------------
تقرير/ بسمة رمضان